منبر الحـــــوار

بقلم / علي محمد صالح شوم

لندن- 26/03/2021 م

 

تاريخ اللغة العربية في ارتريا (1)

202103/22 

عونا

 في البدء ما دفعني للتطرق الى موضوع اللغة العربية ان البعض بدء بتناول الموضوع كل من وجهة نظره على مواقع التواصل الاجتماعي عن وطنية اللغة العربية ، ولهذا وبحكم سني وتجربتي في الحياة ومساهمتي المتواضعة في العمل العام وددت ان اساهم باليسير لتوضيح بعض ما اعلمه عن اللغة العربية في ارتريا من خلال قراءتي وما نمى لعلمي من الاباء والاجداد وما اطلعت عليه من وثائق يزخر بها الارشيف الارتري والتركي والايطالي والانجليزي ،

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
 

تاريخ اللغة العربية في ارتريا  - 2

 
 

 في الجزء الاول  تحدثنا على ان اللغة العربية ضاربة في الجزور قبل الاسلام ، وعلى الرغم من ان القران الكريم نزل بالعربية من هنا كانت لها قدسيتها الدينية الا ان العربية في ارتريا لم تكن لغة دين فقط كما يعتقد البعض، وما يجب النظر اليه في هذا الشأن هو ليس كل مسلم ناطق بالعربية وان اكبر الدول الاسلامية من حيث عدد السكان غير ناطقة بالعربية فاندونيسيا ، ماليزيا، باكستان ، ايران وافغانستان بالاضافة الى الى الدول الافريقية المسلمة مثل نيجيريا والسنغال وغيرهما، كلها غير ناطقة بالعربية ويمارسون طقوسهم الدينية بالعربية كتعلم القران والصلوات وغيرها، وبعض الدول الأسيوية المسلمة او ذات الاغلبية المسلمة تستعمل الحرف العربي في كتابة لغاتها كايران وباكستان والهند وبنقلاديش وافغانستان.

وبالعود الى اللغة العربية في ارتريا يمكننا القول ان دخولها سبق الديانتين المسيحية والاسلام، وبالتالي بالضرورة سبق مجيئ الصحابة الكرام اليها في طريق هجرتهم الى الملك النجاشي ، فهي علاقة قديمة قدم التاريخ مرتبطة بالمصالح والحراك الاجتماعي بين ضفتي البحر الاحمر، وقد لانكون بعيدين عن الحقيقة اذا قلنا ان هذا الارتباط الذي نتحدث عنه لم يكن من فهم ان العربية الحديثة التي نتحدث ونكتب بها الان  والتي نزل بها القران الكريم فقط ، ولكننا نتحدث عن الاصول التاريخية للغات الارترية ايضا فالخط المسند الذي تكتب به التقرينبة  مثلا خط عربي حميري وان اللغات السامية الموجودة في منطقة القرن الافريقي (الجئزية) هي لغة جنوب الجزيرة العربية، مضاف الى ذلك التمازج الثقافي بين شبه الجزيرة العربية ومنطقة القرن الافريقي، فالحضارات التي نشأت هنا في ارتريا والتي مازلت اثارها ماثلة للاعيان تخبرنا بحقيقة انها حضارة عربية أصيلة قديمة قدم التاريخ، ونحن نتحدث هنا عن التمازج الثقافي مرتبطا بشكل عضوي بالتمازج الاجتماعي فالسحنات البشرية لسكان ارتريا لا تختلف عن تلك الموجودة في المنطقة العربية شرق البحر الاحمر وان الهجرات القديمة منها والحديثة تنبأنا بان سكان القرن الافريقي مزيج من الهجرات العربية السامية والكوشية والنيلية ومن ضمنهم ارتريا بالطبع. اذن لم تكن اللغة العربية حديثة كالذين يعتقدون انها اتت مع الرشايدة او ان الاستعمار البريطاني فرضها لتنفيذ اجندته الخاصة، ولكنها كما ذكرنا في الجزء الاول كانت حتى قبل الاستعمار الحديث وقبل الدولة العثمانية والخديوية المصرية. ذكر البرتقال عندما نزلوا الى البر الارتري في منطقة دنكاليا الحالية وجدوا سكانها يتحدثون بالعربية اى كانت لغة التخاطب معهم باللغة العربية، والامر كان كذلك في العهد العثماني الخديوي وكذا الايطالي ، كانت لغة الديوان هى العربية بجانب لغة المستعمر.

ومن نافلة القول ان نذكر بان الارتريين عرفوا الصحافة قبل غيرهم من  بعض سكان المنطقة فكانت تصدر الصحف اليومية والمجلات باللغة العربية في بادئ الامر ثم باللغتين العربية والتقرينية فيما بعد، ونذكر هنا على سبيل المثال صحيفة الزمان وصوت الرابطة الاسلامية الارترية، صوت ارتريا، صحيفة الوحدة بالاضافة الى مجلة المنار ومجلة أسرة الثقافة، وكانت اشهر مكتبات اسمرا لبيع الجرائد والمجلات هى مكتبة باحمدون والتي كانت توزع الى جانب الصحف والمجلات المحلية جرائد ومجلات عربية كمجلة روزريوسف واخر ساعة ، المصور والاهرام  وهى التي كانت متاحة في ذلك الوقت.


 

علي محمد صالح شوم

لندن- 26 مارس 2021 م