منبر الحـــــوار

 

وكتبه/ أ. د. جلال الدين محمد صالح.
6/9/2020
 

 

 

 
 
 

 

رسالتان من وحي كلام المناضل أحمد القيسي وتعقيبه
 


يقولون: ما في بطن الشاعر يعرفه الشاعر.

والمناضل القيسي هو وحده من يعرف هدف كلامه والرسالة التي قصدها بالتحديد، ونحن لا نحاكم النوايا، ولكن نحاكم السطور في المكتوب، والمنطوق في المسموع.

ولي رسالتان أتوجه بواحدة منهما إلى المرسل، والأخرى إلى المستقبل.

أما رسالتي إلى المرسل وهو المناضل أحمد القيسي فهي:

أولا: عزيزي المناضل أحمد القيسي، إذا كان من حقك مناقشة التاريخ بحكم أن التاريخ صناعة بشرية غير معصومة كما قلت في تعقيبك الصوتي وأوافقك عليه، فإن من حق التاريخ عليك أيا كان هذا التاريخ أن لا تدينه بجرة قلم، دون أن تغوص في أعماقه، وتبحر في محيطه، وتلم بجوانبه، ومنهجية محاكمته.

ثانيا: التاريخ الإسلامي لمن يعرفه أكبر وأعظم من هذه النظرة القاصرة التي اختزلتَ فيها عدالته وإنجازه العظيم خلال ١٤٠٠ سنة في ١١ سنة فقط والباقي ظلم واستعباد، هل هذا معقول؟.

ما رأيك في من يختزل نضالات الشعب الارتري وثورته المجيدة خلال الثلاثين عاما بكل عطاءاتها وتضحياتها وإنجازاتها في فترة الحرب الأهلية، ويقول: تاريخ الثورة كله فشل واقتتال داخلي وظلم متبادل، وليس فيه صفحة مشرقة باستثناء سنتين أو ثلاثة من أعوامه الأخيرة؟.

وهل من العدل محو تاريخ الجبهة الشعبية النضالي وتضحايتها الكبيرة من خلال اختزاله في سنوات حكم إسياس الدكتاتوري القمعي حيث السجون والتشرد والتخلف ... ؟.

وهل من العدل أن نمسح نضالات قيادات الجبهة الشعبية، لمجرد أن المسيرة في نهاية المطاف انتهت بدكتاتورية إسياس أفورقي، هذا الصنم المنحوت، وندينهم به؟.

ما أظن هكذا يقرأ التاريخ بشكل عام، فما بالك بالتاريخ الإسلامي العظيم.

وعندما تقول بلغة تشكيكية، كما هو واضح من نبرة لغتك، ولغة جسدك: إِنْتَايْ إِيَا إتَّا شريعة زِي فَلْطَ يَلِّنْ

ما هي هذه الشريعة؟ لا يوجد من يعرفها.

فإني لا أفهم من قولك هذا مهما كان قصدك إلا أن الشريعة شيء هلامي لا يفهم ولا يوجد من يعرفه.

هل هذا معقول وهل الشريعة هي كما وصفتها فعلا؟.

ما أظن هكذا تناقش قضايا كبيرة بحجم الشريعة الاسلامية، ولا سيما لست أنت من المتخصصين في تاريخ التشريع الاسلامي ومصادره، ولا في التاريخ الاسلامي.

أقترح عليك الأخ المناضل أحمد القيسي أن تدلي بتصريح تنفي فيه كل ما احتمله كلامك هذا احتراما لمشاعر المؤمنين بالشريعة الإسلامية، والمعتزين بالتاريخ الإسلامي، من مواطنيك، وقطعًا الطريق على أولئك الذين وظفوا كلامك من متعصبي التجرنية في الإساءة إلى التاريخ الإسلامي مروجين أنه تاريخ ظلم واستعباد ما عدا إحدى عشر عاما.

لا أدري ما الذي أحوجك إلى هذا كله، وكان بإمكانك أن لا تقع فيه، إلا أنك تبرعت به من غير سؤال وجه إليك؟ .

وأما الرسالة الثانية فهي إلى المستقبل من الإخوة المسيحيين، من التجرنية وغير التجرنية، أقول لهم فيها: يتعرض اليوم الإسلام لهجمة إمبريالية شرسة ظالمة ومجاراتها في هجمتها التشويهية هذه، يشكل خطرا كبيرا على وحدتنا الوطنية، ويعمق أزمة الثقة بيننا، وعلى الإخوة المسيحيين جميعا وبالذات التجرنية أن لا ينساقوا وراء هذه الدعاية الظالمة بشكل عام، فليس لها من دافع غير الدافع السياسي الاستغلالي لمقدرات الشعوب.

وإن العالم الإسلامي لن يستمر على هذه الحالة من الضعف، فسيأتي يوم يتحرر فيه.

وعلاقة الإسلام بالحبشة علاقة سلم لا حرب.

وأما بشكل خاص فإن ما قاله المناضل أحمد القيسي، بحق التاريخ الإسلامي، ما هو إلا حالة من الإنفعالية، لا أدري ما سببها، لا تعكس أبدا حقيقة التاريخ الإسلامي، وأن المناضل أحمد القيسي مع تقديرنا لنضالاته هو غير مؤهل من الناحية العلمية والفكرية لمحاكمة التاريخ الاسلامي، ولا للحديث عن الشريعة الإسلامية من حيث هي معروفة أم غير معروفة، سواء للمسلمين أو غير المسلمين.

وحكمه عليها بالهلامية كما يُفهم من كلامه، وعلى التاريخ الإسلامي بالظلم والاستعباد خلال ألف وأربعمائة سنة بإستثناء إحدى عشر عاما هو حكم متجن وغير عادل، من شخصية نقدر نضالاتها ولكنها غير متخصصة، ومعرفتها بالشريعة الاسلامية والتاريخ الإسلامي مسطحة إن لم تكن معدومة.

وأقترح على الأخ مدير القناة الصحفي أمانويل ترتيب لقاء مع متخصص عارف بالتاريخ الإسلامي والشريعة الإسلامية، إذا كان فعلا يحمل نشر رسالة الوعي والوئام الوطني بين الإرتريين.

وأدعو مثقفي التجرنية المسيحيين، ومعهم جميع المسيحيين من غير التجرنية، إلى التعرف على الشريعة الاسلامية وتاريخ التشريع الاسلامي عبر مصادره والمتخصصين فيه، وأيضا إلى قراءة التاريخ الإسلامي والتعرف عليه من خلال العلماء المنصفين والباحثين المتجردين، من المسيحيين الغربيين، ومنهم المستشرقة الألمانية زيغريد هونكة في كتاب لها بعنوان ( شمس الله تسطع على الغرب).

وشكرا للجميع
وكتبه/ أ. د. جلال الدين محمد صالح.
6/9/2020