منبر الحـــــوار

 

 بقلم عمر عثمان ديهيشي
 10 يونيو 2021

 

 
 
 


بسم الله الرحمن الرحيم
 الموت يُغَيِب عميد بيت العُمودية في إرافلي
 

 


يقول الله تبارك وتعالى :﴿كُلُّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِ ثُمَّ إِلَينا تُرجَعونَ﴾[العنكبوت: ٥٧] رموز و وجهاء وطني الغالي ومن مناطقه المختلفة يرحلون واحداً تلو الأخر بعد أن أبلوا بلاءً حسنا في سبيله فهذا العم / عبدالله محمد جاسرانتقل إلى جوار ربه في القاهرة في 07 يونيو 2021 م وهو الأخ الأكبر لإخوان الزعيم الوطني / أحمد جاسر ، محمود ، رمضان وإسماعيل الذي رحل عنا أيضا قبل شهور قليلة رحمهم الله جميعا وموتى المسلمين . حَبى الله إرافلي الحبيبة بأن يكون قاطنيها متنوعون ، فمنهم الساهو بمختلف قبائلهم وأهلنا العفر وأهلنا التجري من زلا وحرقيقو أيضا في وقت سابق . وفي العهد الإيطالي كان عمدة إرافلي العم الحاج عمر سرور الذي عُرِف بالزهد والورع وحوله ثلة من المستشارين ، وهو ابن أخ الزعيم الديني والسياسي القاضي المُهاب العم قاضي عبدالله علوان رحمهما الله صاحب الحضور المميز والقبول الواسع بين سكان اكلي قوزاي مع ماكان يحظى به من تقدير كبير من قبل السلطات الإيطالية تليق بمكانته رحمه الله . وجاء من بعده في العهد الإنجليزي ثم الإثيوبي رجل حكيم وكريم هو والد فقيدنا العم الحاج محمد جاسر وحوله أيضا لفيف من المستشارين الذين توسعت دائرتهم بما يتناسب مع الزيادة السكانية ولمزيد من تصويب القرار بما يُحقق مصالح معتبرة للمجتمع الذي دافع عنه ببسالة من تسلط الجيش الإثيوبي وفي ذلك بذل من حر ماله الكثير في سبيل حماية أهله وبلده في حين أنه كان تحت ضغط شديد بسبب وجود إبنه أحمد في الثورة التي تعاون معها العم جاسر كثيرا ورحب بها ايما ترحيب . وعندما رفعت إثيوبيا نقطة (البوليس ) من إرافلي وصنفتها ضمن المناطق الحاضنة للثورة وشعر العم جاسر بما قد يتبع تلك الخطوة من أعمال البطش والتنكيل الإثيوبي كان يقول من شدة حسن ظنه بربه لن أفْجَعَ ولن أرى السوء إن شاء الله في إرافلي في حياتي وشاء المولى أن لا يريه مكروهاً في أهله فكان حريقها بعد رحيله بشهور قليلة عام 1970 م رحمه الله . نال فقيدنا قسطاً من التعليم في مقتبل عمره في صنعفي عند عمه الحاج / محمود جاسر أحد زعامات الرابطة الإسلامية وعضو البرلمان رحمه الله . والعم عبدالله كان مولعا بالقراءة والإطلاع مما جعله من أكثر أهل جيله ثقافة في إرافلي ، وهو الذي كان ينوب عن والده في تسيير شئون العمودية ، عُرف عنه الوضوح والحزم في تناول القضايا التي كانت تُعرض عليه بالرغم من حداثة سنه آنذاك . التحق في وقت مبكر بالعمل الوطني من خلال عضويته في خلية إرافلي لحركة التحرير التي كان صيتها في المدن الإرترية أكبر من ريفها . وكان إلى النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي موظفاً في هيئة الطرق ومشرفاً على أعمالها لتشيٌد الطريق بين إرافلي ودنكاليا . ثم هاجر إلى جيبوتي التي عمل فيها في مجال التجارة مع متابعته الحثيثة لقضية وطنه من خلال خلايا الثورة المنتشرة في داخل الوطن وخارجه ، وعمل أيضاً في التجارة والوظيفة في السعودية الى أواخر الثمانينات ثم عاد إلى جيبوتي وتنقل بينها وبين إثيوبيا إلى أن استقر به المقام قبل أعوام قليلة في القاهرة التي كان يحبها ويحب كتبها ومجلاتها ، يتابعها منذ نعومة أظافره في إرافلي .

في الحقيقة تجمعني ذكريات خاصة مع العم عبدالله يشاركني فيها ابنه أحمد وأخي محمد ولحقَ بنا فيما بعد صديقي عبدالله فيري جاسر ، ذلك أن رحلة خروجي من إرتريا في أواخر 1976 م كانت معه والتي أحاطنا خلالها برعايته الفائقة وحسن توجيهه لنا و هي من شيم أهل إرتريا عموما مع صغار السن ولأهل إرافلي الحبيبة الحظ الوافر منها . وكانت الوجهة إلى الحديدة في اليمن عبر قارب كان يملكها أحد جهابذة البحر من أهلنا العفر ( ملوك البحر ) العم / إدريس علي وشاء الله بسبب الرياح ان يدخل قاربنا الى جيزان التي لم تكن معروفة كثيرا في ذلك الوقت . ولا شك أن شعوب المنطقة تحفظ الجميل لأهلنا العفر الذين كانوا سبباً في رخاء وتحسن الحياة الإقتصادية ليس فقط لأبناء إرتريا بل لكثير من أبناء دول المنطقة بتسهيل دخولهم إلى السعودية بقواربهم . وجزى الله عنا العم عبدالله بخير ما يجازي به عباده الصالحين . اللهم أغفر له وارحمه وأدخله الفردوس الأعلى من الجنة وجميع موتى المسلمين . تعازينا الحارة لأبنائه محمد ، احمد ، أبوبكر وابنته ام / محمود واخواته وعميد أسرة جاسر الأستاذ/ صالح محمود جاسر وآل جاسر في الوطن وخارجه والأخ/عبدالله صالح اندقو وإخوانه واخواله الشيخ/ احمد إسماعيل ، الشيخ/ محمد علي وابنه الشيخ/ عبده شريف والإعلامي الإرتري القدير/ عثمان آي فرح وإخوانه والأخ/ إبراهيم يوسف قورا وإخوانه وأصهاره بيت قاضي في الوطن وخارجه وكل أصدقائه ومحبيه . إنا لله وإنا إليه راجعون

 بقلم عمر عثمان ديهيشي 10 يونيو 2021